ليبيا بعد الحرب
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية يوم 8 مايو 1945 بإنتصار قوات التحالف على قوات المحور والتي كانت تتشكل من المستعمر الإيطالي الفاشي وألمانيا النازية تم وضع ولايتي طرابلس الغرب وبرقة تحت الإدارة البريطانية أما ولاية فزان فقد تم وضعها تحت الإدارة الفرنسية. ومنذ ذلك التاريخ بدأت القوى المختلفة تتنازع وتتناحر فيما بينها وبشدة من أجل قسمة التركة الإيطالية أي ليبيا باقاليمها الثلاثة والحبشة واريتريا. فإيطاليا ما بعد الفاشية طالبت بالسماح لها بالرجوع الى مستعمرتها القديمة ليبيا بحجة تخلصها نهائيا من الفاشية وبحُجة إنتمائها الى معسكر الحُلفاء منذ نهاية الحرب، كذلك ساقت حُجة أخرى لا تخلوا من الطرافة، حيث طالبت بمعاملتها إسوة بهولندا والتي سُمح لها بالعودة الى مستعمرتها القديمة اندونيسيا بعد أن حررتها ـ أي هولندا ـ قوات التحالف من النازية ، فلماذا لا يُسمح لإيطاليا بما سُمح به لهولندا؟ لقد وجدت مطالب إيطاليا هذه دعما قويا وبدون حدود من كافة دول أمريكا اللاتينية بإستتناء دولة هايتي بل أن تلك الدُول هي من تبنت المطالب الإيطالية في اروقة الأمم المتحدة.
أما ستالين العضو البارز في قوات التحالف فقد طالب بأن يكون إقليم طرابلس تحت سيطرته حيث برر طلبه هذا بحاجة الإتحاد السوفييتي الماسة الى شواطيء البحر الأبيض المتوسط لإستخدامها كمنطلق لأساطيله الحربية حتى يتمكن كما إدعى من المشاركة في حفظ السلام العالمي.
أيضا مصر لم تستطيع إخفاء مطامعها فقد أعلنت هي الأخرى مطالبتها بليبيا وأرجعت ذلك الى "الأواصر التاريخية والعرقية" التي تربطها بها وطالبت في حالة رفض طلبها من قبل الأمم المتحدة بأن تتولى الجامعة العربية إدارة ليبيا.
أما في فرنسا فقد ارتفعت الأصوات من أجل الإحتفاظ بإقليم فزان وضمه نهائيا الى مستعمرتها الجزائر.
في ضل هذا الصراع الشرس والخطر المتنامي لإحتمال وقوع ليبيا تحث براثن الإستعمار من جديد فلقد إستمات رجال دولة الإستقلال ـ رغم قلة نسبة المتعلمين، والتي وقع على كاهلهم مقارعة اصحاب المطامع الإستعمارية في شتى المحافل الدولية وأيضا رغم قلة الموارد المالية ـ من أجل انتزاع الإستقلال من بين مخالب الطامعين والإصرار وبحكمة على بناء الدولة الليبية تحت قيادة الملك ادريس السنوسي رحمه الله.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق